هجوم جعجع على العهد والحكومة: مواكبة لعقوبات أميركية آتية أم إستباق لحصار مُطبق على القوات!؟

كرّس خطاب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع قبل يومين إنتهاء تفاهم معراب بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ولعل غياب ممثل عنه في أهم مناسبة يحييها حزب القوات سنوياً، رغم الدعوة الخطية التي سلمها عرّاب التفاهم الوزير السابق ملحم رياشي، هو تأكيد إضافي، على أن تلك التسوية، “ماتت.. وشبعت موتاً” !

جعجع الذي فاجأ الجميع بحضوره طاولة الحوار الاقتصادي في بعبدا، بدا وكأن حضوره إستكمالاً للهجوم السياسي بهدف الإطباق على الحكومة، حيث إعلن ضرورة تغييرها، والإتيان بحكومة مختصين، نظراً لإنعدام الثقة الداخلية والخارجية بها.

ما يجب متابعته:

@ هل إشتم جعجع تشكّل جو أميركي عازم على فرض عقوبات على وزراء حلفاء لحزب الله قد يكون وزراء في التيار الوطني الحر جزء منهم، ويحاول استباق ذلك برفع سقف خطابه وخطوات وزرائه وبالدعوة لحكومة تكنوقراط سبق ورفضها هو شخصياً في مناسبات عدة؟

@ أم أن جعجع بدأ يشعر بأنه دون حلفاء داخليين فعليين، مع سقوط مرشحه الى المجلس الدستوري، والتقارب بين رئيس الوزراء سعد الحريري والعهد متمثلاً بالرئيس عون والوزير باسيل، والتطبيع السريع الذي حصل بين الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ورئاسة الجمهورية، حيث تم وأد محاولاته استنهاض ما تبقى من قوى 14 آذار، في مهدها.

@ هل بدأت تتكون قناعة في معراب أن حصاراً بدأ يتشكل ضد القوات، وهناك خطوات تهدف لإحراجها بهدف إخراجها من الحكومة، قد تكون سلة التعيينات اخد ابرز معالمها، خصوصاً بعد ان لمست برودة سعودية-إماراتية في أي مساعي للضغط على الحريري في هذا الإتجاه؟

@ وبالتالي إستخدم جعجع استراتيجية : أفضل طريقة للدفاع هي الهجوم، وفي مختلف الاتجاهات، حيث طالت سهامه: رئيس الجمهورية، الوزير حبران باسيل، حزب الله، وغم أنه في كلمته الأخيرة حاول دغدغة مشاعر الثنائي الشيعي، لاسيما الرئيس بري من زاوية الإشادة بالإمام المغيّب موسى الصدر!؟

@ يعلم جعجع جيداً أن موازين القوى ليست في مصلحة حلفائه الإقليميين، وفي غياب أي علاقة تربطه بموسكو، وجمود أي مساعي للإختراق مع حزب الله، وإستكمال الرئيس السوري بشار الأسد سيطرته العسكرية على ما تبقى من جيوب مناوئة، يسعى للإحتفاظ بشبكة أمان حكومية أولاً ونيابية ثانية، تحفظ له دوره السياسي في إنتظار متغيّر ما، داخلي أو خارجي.

صراع يتجدد ويتجدد:

عودة التراشق بين التيار الوطني والقوات ما هو إلّا غبار صراع أعمق، على زعامة الموارنة وبالتالي المسيحيين، صراع وصل إلى أوجه عام ١٩٨٩-١٩٩٠ وأنتهى إلى هزيمة مسيحية شاملة، اليوم هناك عهد يمتلك أكبر كتلة مسيحية، أوصلها قانون إنتخابي طالب به المسيحيون، فما الذي وقف دون المشاركة بين التيار والقوات، في عملية إعادة المسيحيين الى الدولة، وإستعادة مكانتهم داخل الدولة!؟

* هل هو إستفراد التيار ممثلاً بالوزير باسيل حسب واقع جعجع؟

* أم هي معارضة وزراء القوات داخل الحكومة لمشاريع يعتبرها التيار والرئيس الحريري حيوية!؟

* أم هي اولوية تقاسم السلطة على إحداث مصالحة عميقة، تتضمن الاعتراف بالأخطاء المشتركة، وتنقية الذاكرة والوجدان!؟ *أم إنه قدر الموارنة: فعبر التاريخ فشلوا في تكوين إطار سياسي خارج كنيستهم، التي بدورها تعرضت الى مجموعة إنقسامات؟!

في مئوية لبنان الكبير 1920-2020 الذي لطالما تبجح الساسة المسيحيون ولاسيما الموارنة بأبوته، وأنه حقق حلمهم التاريخي، يبدو مشهد التناحر المسيحي-المسيحي محُبطاً جداً، خصوصاً وأنه يترافق مع أعنف أزمة مالية-إقتصادية-إجتماعية يعيشها لبنان منذ نهاية حربه الأهلية عام 1990!

أضف تعليق