إختارت طهران لحظة إقليمية مشحونة بالاستحقاقات، من إنتخابات اسرائيل في 17 أيلول سبتمبر، الى مباشرة التفاوض بين واشنطن والحوثيين، والنيّة الأميركية لاقناع السعودية بهذا المسار، والأهم التفاوض الأميركي الإيراني الذي تتولاه أكثر من عاصمة إقليمية ودولية.
كسرت طهران، في هذه اللحظة المشحونة، خطاً أحمر سبق ووضعته واشنطن، وإستهدفت عمق السعودية النفطي، بعملية عسكرية مفاجئة وغزيرة بصواريخ الكروز والطائرات المسيّرة، التي قد تكون قد إنطلقت من أكثر من مسرح، وإن تتقاطع الأدلة أن مصدرها شمال غرب منشأة بقيق المستهدفة، فهذا يترك باب الاحتمالات مفتوحاً، بأن يكون منطلق الصواريخ والطائرات العراق، او إيران، أو الإثنين معاً.
ما يجب متابعته:
@ تعمل واشنطن على تجهيز مضبطة إتهام متكاملة ومتماسكة، بالكشف عن تفاصيل عسكرية تحدد تفاصيل الضربة الإيرانية، فهل تشكل هذه المضبطة ذريعة لتوجيه ضربة عسكرية تستهدف بنك أهداف داخل ايران، يتم في خلالها تحييد رادارات وغرف قيادة وتحكم، تعتبر حيوية للقيادة العسكرية الإيرانية، أم أن التهديد بهكذا رد سيتم تجييره في المفاوضات التي يعمل على خطها أكثر من عاصمة إقليمية ودولية ؟
@ توقيت طهران لهذه الضربة التي هزت أسواق النفط العالمية، فيه رهان على أن إسرائيل غارقة في انتخاباتها، ما قد يدفعها للضغط على واشنطن في تأجيل أي رد، من شأنه التدحرج والتأثير على إستحقاق نتنياهو المفصلي.
@ اختارت ايران توقيت هذه الضربة وإقالة مستشار الامن القومي الاميركي جون بولتون مازالت طازجة، فهي قرأت إستقالته نصراً لها، وتؤكد أن اولوية ترامب هي التفاوض، وهو ليس مستعداً بأي شكلٍ من الاشكال لخوض مواجهة عسكرية في الخليج وعند منابع النفط، فهل حسابات طهران دقيقة!؟
@ السعودية من جهتها تلقت ضربة مؤلمة ومفاجئة، وإتساع جبهتها مع ايران من شمال اليمن الى جنوب العراق ، يقلّص فعالية صواريخها المضادة للصواريخ والمسيّرات، وإستخدام طهران تبنّي الحوثيين للضربات يفتح أمامها باب التأني ودراسة الرد بعمق. وهنا لابد من الإشارة الى طبيعة العلاقات بين الرياض وواشنطن، فمن جهة هناك تفاهم بين القيادتين، ومن جهة ثانية تبقى ردود فعل ترامب غير المرتقبة، وحاجته الى مباركة من الكونغرس في حال إعلان الحرب ، تُرجح أن يكون أي رد هو سعودي بحت في المرحلة الأولى او اميركي وافقت عليه السعودية، إن كان مسرحه العراق او اليمن أو إيران نفسها.
وهنا لابد من التوقف عند “الحزم” الذي إتسم به عهد الملك سلمان إن كان في مسألة اليمن او غيرها من المسائل المتعلقة بالأمن الوطني السعودي، وإستهداف بقيق يندرج في هذه الخانة .
وتُرجح مصادر مراقبة أن أي رد سيكون مدروساً ومفاجئاً ، في توقيته، وطبيعته، ومكانه، خصوصاً أن سلاح الجو السعودي وقدرات المملكة الصاروخية متطورين ويطالان رقعة واسعة من تواجد “المصالح الإيرانية” في المنطقة .
فهل إقتربت المنطقة من لحظة هي الأكثر توتراً منذ حرب الخليج الثانية 2003، أم أن تسجيل النقاط سيتواصل على حافة الهاوية ، دون السقوط فيها، خصوصاً وأن هناك شبه قناعة أن أيّ من الأطراف لا يرغب بالمواجهة الشاملة !؟